معاني “إِذْ”

لقد جاءت كلمة “إِذْ” في كثرة العبارات, ولكن لا يَعرف عددٌ من الطلبة ما معناها. فإذن، أشرحُها بسيطا مما أخذتُه من “مغنى اللبيب” لابن هشام عن تلك المعاني.
وقَسَّمَ ابنُ هشام معانيَ “إِذْ” على أربعة أوجه، منها:

  • أن تكونَ اسمًا للزمان الماضي. ولها أربعةُ استعمالات:
    1) أن تكون ظرفا على الغالب. وهي تنزل بمنزلة “إِذَا” للظرفية. نحو قوله تعالى: “فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا” (التوبة: 40). والمعنى: واللهُ قد نَصَرَه حينما أخرجه الذين كفروا.

2) أن تكون مفعولا به. وهي تقع بعد فعلٍ متعدٍّ. نحو قوله تعالى: “وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيْلاً فَكَثَّرَكُمْ” (الأعراف: 86). وجملة “إِذْ كُنْتُمْ الخ” في محل نصب لكونها مفعولاً بـ”اذْكُرُوْا”.

3) أن تكون بدلا من المفعول. نحو قوله تعالى: “وَاذْكُرْ فِي اْلكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ …” (مريم: 16). فـ”إذ” بدلٌ اشتماليٌّ من “مَرْيَمَ” على حدِّ البدل بحسب السياق قبل هذه الآية.

4) أن يكون مضافا إليها اسمُ زمانٍ صالحٍ للاستغناء عنه. نحو قولك: “يَوْمَئِذٍ”، “حِيْنَئِذٍ”؛ أو غيرِ صالح له. نحو قوله تعالى: “لَاتُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا” (آل عمران: 8)، والزمان في هذا المثال غيرُ صالح للاستغناء.

  • وأن تكون اسما للزمان المستقبل. وهذا المعنى -أحيانا- مستعملٌ عند لُحُوْقِ الفعل المستقبل. نحو قوله تعالى: “يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا” (الزلزلة: 4). فجملة “تُحَدِّثُ” من المستقبل التي تأتي معنى السياق إلى الاستقبال كلِّهِ.
  • وأن تكون للتعليل. وهذا غالبُ الاستعمال وكثيرُ الوقوع خاصةً في كتب الفقه. أحيانا، وقعتْ بعد الجملة الإسمية. مثال ذلك في إعانة الطالبين في باب الصلاة: “وَإِنَّمَا بَدَأَ كِتَابَهُ بِالصَّلَاةِ، إِذْ هِيَ أَهَمُّ أَحْكَامِ الشَّرْعِ”، وفي باب النكاح: “وَهٰذِهِ الثَّالِثَةُ تَبْقَى فِي اْلجَنَّةِ، إِذْ لَا تَنَاسُلَ هُنَاكَ وَلَا احْتِبَاسَ”. وكلاهما يدلان على معنى التعليل. وهذا المعنى مستفاد من قوة الكلام، لا من اللفظ.
  • وأن تكون للمفاجأة. وهي الواقعة بعد “بَيْنَا” أو “بَيْنَمَا”. نحو قول الشاعر:
    (اِسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْرًا وَارْضَيَنَّ بِهِ # فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ إِذْ دَارَتْ مَيَاسِيْرُ).

وهذه المعاني لا بد من أن تعرفوها أيها الطلبة لتكون مثابة في فهم مراد النصوص الشرعية. والله أعلم.

كاتب : أستاذ محمد فصيح الدين